د. يحيى هاشم يكتب: صناعة الوعي

د. يحيى هاشم
د. يحيى هاشم

نعيش كل يوم متغيرات جديدة و نشهد تطورات سريعة على كافة المحاور المختلفة في حياتنا  و التي تؤثر في سلوكياتنا و حياتنا بشكل مباشر  و لاشك ان القدرة على الوصول لوجدان المجتمعات و السيطرة على عقولها هو رمانة الميزان في مواجهة كل هذه المتغيرات و التحديات لذا كانت القدرة على صناعة الوعي المجتمعي السليم هي عنصر القوة الحقيقي الذي يميز دولة عن الاخرى او يميز مجتمع عن مجتمع آخر في قدرته على التصدي لكل ما يمكن ان يمثل تهديدا حقيقيا للمجتمع و ثوابته و كذلك كافة اركان الدولة الاستراتيجية.

و لكن الصعوبة الحقيقية التي تواجهنا هي كيف ننجح في صناعة الوعي المجتمعي ؟  و بالطبع هناك العديد من الجهات سواء الحكومية او غير الحكومية مشغولة بهذه القضية و تعمل عليها بأشكال مختلفة و لكن تعالوا نرسم سويا استراتيجية وطنية لصناعة الوعي و هذا الامر يتطلب جهدا كبيرا من كافة التخصصات العلمية و لا سيما علماء الاجتماع .

نحتاج الى ان نصل للقواعد الجماهيرية و الفئات المهمشة بالاتصال المباشر معهم كل منهم بالطريقة التي تناسبه حتى نخلق جسرا من الحوار و الثقة معهم فهم لا يفهمون لغة القاعات المغلقة و لكن يفهمون الحوار المباشر من القلب والعقل ليشعروا بأرضية مشتركة مع من يرسل لهم الرسالة لتحقق هذه الرسالة اهدافها بسهولة .

ولا يمكن ان نغفل المرحلة العمرية المبكرة في مراحل التعليم المختلفة و هي المرحلة الخطيرة في تشكيل الوجدان و رسم صورة المثل الاعلى و تلعب هذه المرحلة دورا خطيرا في خلق الولاء و الانتماء و حب الوطن لذا كان لابد من تدخلات قابلة للتنفيذ في الانشطة المدرسية و المناهج التعليمية و الاعداد للمعلم الذي سيقوم بهذه المهمة الهامة مستندا الى كل وسائل التكنولوجيا الحديثة المطورة حتى يتمكن من الوصول الى الهدف .

وتأتي مرحلة مهمة من العمر مرتبطة بصناعة الوعي و هي مرحلة الشباب سواء خلال مرحلة التعليم الجامعي او بعدها في مواجهة تحديات الحياة و هذه المرحلة تحتاج لبرامج خاصة لدمج هؤلاء الشباب و الاستفادة من طاقاتهم و افكارهم في مختلف المشكلات و القضايا المجتمعية فهم في مرحلة تمكنهم من الوصول لمعرفة مفهوم الدولة و مقوماتها  و كيفية ادارة شئونها للحفاظ عليها و الانطلاق بها نحو المستقبل.

ولا يمكن ان ننكر الدور المهم للاحزاب السياسية  الداعمة للدولة في تغذية العقول و صناعة الوعي و توجية طاقات المجتمع الى الجانب الايجابي و رسم الصورة الذهنية السليمة لدى الجماهير عن الدولة و انجازاتها و القيمة المضافة لحياة المواطنين من هذه الإنجازات او المشروعات الحالية و المستقبلة .

كما ان الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي هما من أخطر آليات التصدي لهدم و تفكيك المجتمعات و هما ايضا من مقومات صناعة الوعي المجتمعي و من يسيطر عليهم و يجيد توجيه الرسائل من خلالهم استطاع بشكل كبير ان ينشر الصورة التي يرغب فيها عن الدولة بشكل دائم في عقل المجتمع و وجدانه .

وفي النهاية نحتاج الى المايسترو الذي يصنع سيمفونية الوعي من خلال التخطيط و التنفيذ و الادارة الوطنية الحكيمة و هو المجلس الاعلى للوعي المجتمعي الذي اتمنى ان يتم تشكيلة من علماء الاجتماع ذوي القدرة على التواصل  الجماهيري و الشرح المبسط للقضايا و حلولها بالاضافة الى ممثلين للمجتمع المدني و القوات المسلحة و الشرطة لكي نستطيع ان نعبر بسفينة الوطن الى المستقبل الذي نحلم به جميعا و سلاما عليكي يا بلادي في كل وقت و في كل حين.